عقود من المودة مع عبدالوهاب أبو سليمان

عقود من المودة مع عبدالوهاب أبو سليمان

خالد محمد الحسيني

عندما أجريت اللقاء الوحيد مع الشيخ محمد طاهر الكردي في 1398هـ في داره في مكة (الفلق)، كنت في بداية عملي في الصحافة، في جريدة البلاد التي التحقت بها عام 1397هـ.، في تلك الفترة كنت أعرف الأستاذ في الجامعة، الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان، اسماً فقط، ولم تبدأ علاقتي به، ولا أعرف أنه صهر الشيخ الكردي، زوج ابنته.

عملت سنوات مديراً لمكتب جريدة الرياض في مكة، وكنت ألتقي الدكتور في مناسبات متباعدة، وقبل أكثر من عقدين تواصلت معه، وكان في تلك الفترة يتواجد كل يوم اثنين في مكتبة مكة المكرمة، مكان مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، وأجريت معه أكثر من لقاء، وكنت أرى صديقه وزميله الدكتور عبدالله الشاووش رحمهما الله يشرفان على تنظيم "المكتبات" الموجودة داخل المبنى تطوعاً.

أصبحت أتواصل معه في العديد من القضايا، بل كنت أتواصل معه بشكل دائم لمعرفة رأيه في قضايا شرعية واجتماعية عامة، وقد خصني بنشر كتبه، منها: مكتبة مكة المكرمة قديماً وحديثاً.. دراسة موجزة لموقعها وتاريخها وأدواتها، وكتابه المسعى المشعر والسوق، والذي صدر في ربيع الثاني ١٤٣٨هـ (٢٠١٧م)، وذكر فيه مدرسة "المسعى" التي أطلق عليها الملك عبدالعزيز رحمه الله اسم والده الإمام عبدالرحمن، وأصبحت "الرحمانية الابتدائية" بمكة المكرمة.

وأشار إلى مقالات لقدامى طلابها، ومعلومات سجلتها في كتاب الرحمانية الابتدائية الأول، الذي أصدرته في شعبان ١٤٢٠هـ، وكتابي حياة في الصحافة والتربية عام ١٤٣٥هـ. ونشر صورة للمدرسة عندما كان مقرها في المسعى، وعدداً من المقالات التي كتبتها عنها، وتاريخها الذي بدأ في ١٣٣٠هـ، ومؤسسها الشيخ محمد بن حسين خياط، رحمهم الله.

ثم تحدث معي، وكنت والمصور في زيارته لمكتبة مكة، وطلب مني تصوير مسجد البيعة في مكة، الموجود بجوار الجمرات، ونشرت له في "صحيفة البلاد" أول صور في ١٤٢٧هـ، وغيرها من القضايا التي خصني بها، رحمه الله.

في ١٣ ذو القعدة ١٤٤٠هـ (١٦-٧-٢٠١٩م)، قمت بزيارته في داره بجدة بعد علمي بدخوله المستشفى للعلاج، وبعد فترة علمت بأن معاناته مع المرض اشتدت، ولم أتمكن من زيارته، حتى رحل إلى رحمة الله في 26 رمضان ١٤٤٤هـ (١٧ أبريل ٢٠٢٣م).

حضرنا لمقابر المعلا لوداعه، وكان في وداعه عدد كبير من أصدقائه وطلابه وأحبائه.

وفاء
———
شعرت بسرور عظيم وأنا أتلقى دعوة أخي المهندس أنس محمد صالح صيرفي، احتفاءً بكسب مكتبة معالي الشيخ عبدالوهاب، والذي أُقيم في قاعة الصفا بمتحف المكتين بمركز جدة بارك، يوم الخميس ٢٣ ذو الحجة ١٤٤٦هـ (١٩-٦-٢٠٢٥م) بتوجيه من والده رجل الأعمال المعروف الشيخ محمد صالح صيرفي، ورغم عدم تمكني من الحضور لظروف طارئة، إلا أنني تابعت برنامج الحفل، وشعرت بسعادة كبيرة غمرتني وأنا أرى سيرة وحياة وتاريخ الشيخ ستكون أمام الجميع، امتداداً وتوثيقاً لأعماله.

تغمده الله ووالديّ برحمته ورضوانه، وقد ترك الكثير من الأعمال والسيرة التي عُرف بها، ومن أهمها "تواضعه" الذي اشتهر به بين كل من عرفه.